بحث حول الثورة الجزائرية

بحث حول الثورة الجزائرية


مقدمة:
اندلعت ثورة التحرير الجزائرية في 1 نوفمبر 1954 ضد الاستعمار الفرنسي الذي احتلّ البلاد منذ سنة 1830، ودامت طيلة 7 سنوات ونصف من الكفاح المسلح والعمل السياسي، وانتهت بإعلان استقلال الجزائر يوم 5 جويلية 1962 بعد أن سقط فيها أكثر من مليون ونصف مليون شهيد جزائري، وذلك ما أعطى الجزائر لقب بلد المليون ونصف المليون شهيد في الوطن العربي.
دارت الحرب بين الجيش الفرنسي والثوار الجزائريين، الذين استخدموا حرب العصابات بصفتها الوسيلة الأكثر ملاءمة لمحاربة قوة جرَّارة مجهزة أكبر تجهيز، خصوصاً وأن الثوار لم يكونوا يملكون تسليحاً معادلاً لتسليح الفرنسيين. استخدم الثوار الجزائريون الحرب البسيكولوجية بصفة متكاملة مع العمليات العسكرية.
كان الجيش الفرنسي يتكون من قوات الكوماندوز والمظليين والمرتزقة متعددة الجنسيات، وقوات حفظ الأمن، وقوات الاحتياط، والقوات الإضافية من السكان الأصليين أو من أطلق عليهم اسم الحركة. حظت قوات جيش التحرير الوطني التابعة للفرع العسكري من جبهة التحرير الوطني على تأييد الشعب الجزائري الكامل، بل والجالية الجزائرية في المهجر، وخاصة في فرنسا.
انتهت الحرب بإعلان استقلال الجزائر في 5 جويلية 1962، وهو نفس التاريخ الذي أعلن فيه احتلال الجزائر في سنة 1830. وقد تلا إعلان الاستقلال الجنرال شارل ديغول عبر التلفزيون، مخاطباً الشعب الفرنسي. جاءَ الاستقلال نتيجة استفتاء تقرير المصير للفاتح من جويلية، المنصوص علية في اتفاقيات إيفيان في 18 مارس 1962، وأعلن على إثره ميلاد الجمهورية الجزائرية في 25 سبتمبر ومغادرة مليون من الفرنسيين المعمّرين بالجزائر منذ سنة 1830م.
1.    مقدمة تاريخية:
بدأت المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال مع نزول أرض الجزائر، وكان أقوى حركاتها حركة الجهاد التي أعلنها الأمير عبد القادر في 1248هـ 1832م، واستمرت خمسة عشر عامًا، استخدم فيها الماريشال الفرنسي "بيجو"، وقواته التي وصل عددها (120) ألف جندي، حرب إبادة ضد الجزائريين، والحيوانات، والمزارع، فوقع الذعر في قلوب الناس، واضطر الأمير عبد القادر إلى الاستسلام في 1261 هـ=1847 م. لم تهدأ مقاومة الجزائريين بعد عبد القادر، فما تنطفئ ثورة حتى تشتعل أخرى، غير أنها كانت ثورات قبلية أو في جهة معينة، ولم تكن ثورة شاملة؛ لذا كانت فرنسا تقضي عليها، وضعفت المقاومة الجزائرية بعد ثورة أحمد بومرزاق سنة 1288 هـ 1872م، وقلت الثورات بسبب وحشية الفرنسيين، واتباعهم سياسة الإبادة التامة لتصفية المقاومة، وفقدان الشعب لقياداته التي استشهدت أو نفيت إلى الخارج، وسياسة الإفقار والإذلال التي اتبعت مع بقية الشعب.
2.    السياسة الفرنسية في الجزائر:
لقد أحدث المشروع الاستعماري الفرنسي في الجزائر جروحًا عميقة في بناء المجتمع الجزائري، حيث عملت فرنسا على إيقاف النمو الحضاري والمجتمعي للجزائر مائة واثنتين وثلاثين سنة، وحاولت طمس هوية الجزائريين الوطنية، وتصفية الأسس المادية والمعنوية التي يقوم عليها هذا المجتمع، بضرب وحدته القبلية والأسرية، واتباع سياسة تبشيرية تهدف إلى القضاء على دينه ومعتقده الإسلامي، وإحياء كنيسة أفريقيا الرومانية التي أخذت بمقولة "إن العرب لا يطيعون فرنسا إلا إذا أصبحوا فرنسيين، ولن يصبحوا فرنسيين إلا إذا أصبحوا مسيحيين". وكان التوجه الفرنسي يعتمد على معاداة العروبة والإسلام، فعملت على محو اللغة العربية، وطمس الثقافة العربية والإسلامية، وبدأ ذلك بإغلاق المدارس والمعاهد، ثم تدرج مع بداية القرن العشرين إلى منع تعلم اللغة العربية باعتبارها لغة أجنبية، وعدم السماح لأي شخص أن يمارس تعليمها إلا بعد الحصول على ترخيص خاص وفي حالات استثنائية، ومن ناحية أخرى عملت على نشر الثقافة واللغة الفرنسية، واشترطوا في كل ترقية اجتماعية ضرورة تعلم اللغة الفرنسية، كذلك عملوا على الفصل بين اللغة العربية والإسلام، والترويج لفكرة أن الجزائريين مسلمون فرنسيون.
3.    موقف الشعب الجزائري
لم يتجاوب الشعب الجزائري مع السياسة الفرنسية في جميع الجهات بدون استثناء، لا سيما في المناطق التي عرفت ضغطًا فرنسيًا مكثفًا لتحويل اتجاهها الوطني، فلم يكن للإعانات ولا المساعدات التي تقدمها الإرساليات التبشيرية ولا للتعليم الذي وفرته المدرسة الفرنسية، ولا للمستوطنين الفرنسيين، ولا للمهاجرين الجزائريين الذين تنقلهم السلطات للعمل في فرنسا ـ أثر في فرنسا الشعب الجزائري، وهو ما دفع مخططي السياسة الفرنسية إلى اتهام الجزائريين بأنهم شعب يعيش على هامش التاريخ. وحارب الشعب سياسة التفرقة الطائفية برفع شعار "الإسلام ديننا، والعربية لغتنا والجزائر وطننا" الذي أعلنه العالِم والمجاهد الجليل عبد الحميد بن باديس، ورأى المصلحون من أبناء الجزائر في ظل فشل حركات المقاومة، أن العمل يجب أن يقوم –في البداية- على التربية الإسلامية لتكوين قاعدة صلبة يمكن أن يقوم عليها الجهاد في المستقبل، مع عدم إهمال الصراع السياسي فتم تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عام [1350 هـ=1931 م] بزعامة ابن باديس، التي افتتحت مدارس لتعليم ناشئة المسلمين، وهاجم ابن باديس الفرنسيين وظلمهم، وشنع على عملية التجنس بالفرنسية وعدها ذوبانًا للشخصية الجزائرية المسلمة، وطالب بتعليم اللغة العربية والدين الإسلامي، وأثمرت هذه الجهود عن تكوين نواة قوية من الشباب المسلم يمكن الاعتماد عليها في تربية جيل قادم. وعلى الصعيد السياسي بدأ الجزائريون المقاومة من خلال التنظيم السياسي الذي خاض هذا الميدان بأفكار متعددة، فمنهم من يرى أن الغاية هي المساواة بالفرنسيين، ومنهم الشيوعيون، والوطنيون المتعصبون، وظهرت عدة تنظيمات سياسية منها: حزب نجم شمال أفريقيا بزعامة مصالي الحاج الذي عرف بعد ذلك بحزب الشعب الجزائري، وتعرض زعيمه إلى الاعتقال والنفي مرات كثيرة.
4.    مجازر 8 ماي 1945
اشتعلت الحرب العالمية الثانية ولم تمض شهور قليلة حتى انهارت فرنسا أمام ألمانيا، وبدا للشعوب المستعمرة أن قوة فرنسا لم تكن إلا عليهم فقط، وأن هيبتها لم تكن إلا في هذه القلوب المستضعفة، وأدى ذلك إلى تعاون كثير من المستوطنين الموجودين في الجزائر مع حكومة فيشي الموالية للألمان في فرنسا، وظهرت أصوات المستوطنين الفرنسيين تعلو بأن فرنسا ارتكبت أخطاء، وأن عليها أن تدفع الثمن وحدها، أما الجزائريون فذهب كثير منهم إلى الحرب للدفاع عن فرنساو ذلك تحت التجنيد الإجباري للجزائريين، فدُمر الإنتاج في الجزائر وزادت صعوبات الحياة؛ لذلك تقدموا ببيان إلى السلطات الفرنسية يطالبون فيه بحق تقرير المصير، تقدم به فرحات عباس –زعيم حزب اتحاد الشعب الجزائري-، ورفضت فرنسا قبول البيان كأساس للمحادثات، فأحدث ذلك رد فعل عنيفا عند الجزائريين الذين أصروا على تمسكهم بالبيان والتزامهم به، ففرض الجنرال كاترو الحاكم العام في الجزائر الإقامة الجبرية على فرحات عباس وغيره من الزعماء الجزائريين. أسس فرحات عباس حركة أحباب البيان والحرية في [ربيع أول 1363 هـ=مارس 1944] وكان يدعو إلى قيام جمهورية جزائرية مستقلة ذاتيًا ومتحدة مع فرنسا، وهو ما سبب خلافًا بينه وبين مصالي الحاج الذي نصحه بقوله: "إن فرنسا لن تعطيك شيءًا، وهي لن ترضخ إلا للقوة، ولن تعطي إلا ما نستطيع انتزاعه منها". ولم يمض وقت طويل حتى استغلت فرنسا قيام بعض المظاهرات في 8 ماي 1945 في عدد من المدن الجزائرية وإحراقها للعلم الفرنسي حتى ارتكبت مذبحة رهيبة سقط فيها (45) ألف شهيد جزائري، وكان ذلك تحولاً في كفاح الجزائريين من أجل الحرية والاستقلال، إذ أدركوا أنه لا سبيل لتحقيق أهدافهم سوى العمل المسلح والثورة الشاملة، فانصرف الجهد إلى جمع الأسلحة وإعداد الخلايا السرية الثورية بتوجيه وتمويل ودعم عربي حتى يحين الوقت المناسب لتفجير الصراع المسلح.
5.    اندلاع الثورة عسكريا:
لقد تم وضع اللمسات الأخيرة للتحضير لاندلاع الثورة التحريرية في 23 مارس 1954 بميلاد اللجنة الثورية للوحدة والعمل واصدارها مجلة " الوطني" وفي 17 جوان 1954 عقدت لجنة الاثني والعشرين (22) اجتماعا بمنزل الياس دريش بحي المدنية في مدينة الجزائر اين تقرر خلاله تفجير الثورة التحريرية. في 23 أكتوبر 1954 لجنة الستة (06) تعقد اجتماع في حي رايس حميدو بالجزائر لتوسيع مهام وتحديد المهام وفي 01 نوفمبر 1954 تقرر اندلاع الثورة التحريرية بنداء 01 نوفمبر 1954 حيث دعا النداء إلى استقلال الجزائر واسترجاع السيادة الوطنية وإنشاء دولة ديمقراطية اجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية. وتم إنشاءجبهة التحرير الوطني وجناحها العسكري المتمثل في جيش التحرير الوطني. وتهدف المهمة الأولى للجبهة في الاتصال بجميع التيارات السياسية المكونة للحركة الوطنية قصد حثها على الالتحاق بمسيرة الثورة، وتجنيد الجماهير للمعركة الحاسمة ضد المستعمر الفرنسي تحديد تاريخ اندلاع الثورة التحريرية : كان اختيار ليلة الأحد إلى الاثنين أول نوفمبر 1954 كتاريخ انطلاق العمل المسلح يخضع لمعطيات تكتيكية - عسكرية، منها وجود عدد كبير من جنود وضباط جيش الاحتلال في عطلة نهاية الأسبوع يليها انشغالهم بالاحتفال بعيد مسيحي، وضرورة إدخال عامل المباغتة. تحديد خريطة المناطق وتعيين قادتها بشكل نهائي، ووضع آخر اللمسات لخريطة المخطط الهجومي في ليلة أول نوفمبر. كل هذا بعد أن عرف الشعب الجزائري ان المستعمر الفرنسي لا يهمه المقاومة السياسية بل استعمال القوة وأن تحرير الجزائر ليس بالامر المستحيل.
6.    خريطة أهم عمليات أول نوفمبر 1954:
v   المنطقة الأولى - الأوراس مصطفى بن بولعيد
v   المنطقة الثانية - الشمال القسنطيني: ديدوش مراد
v   المنطقة الثالثة - القبائل: كريم بلقاسم
v   المنطقة الرابعة - الوسط: رابح بيطاط
v   المنطقة الخامسة - الغرب الوهراني: العربي بن مهيدي
v   تحديد كلمة السر لليلة أول نوفمبر 1954 : خالد وعقبة
اندلعت ثورة التحرير الجزائرية في 1 نوفمبر 1954 ضد الاستعمار الفرنسي الذي احتلّ البلاد منذ سنة 1830 (احتلال دام 132 سنة)، ودامت ثورة التحرير الجزائرية طيلة سبعة سنوات ونصف من الكفاح المسلح والعمل السياسي، وانتهت بإعلان استقلال الجزائر يوم 5 جويلية 1962 بعد أن سقط فيها أكثر من مليون ونصف مليون قتيل جزائري، وذلك ما أعطى الجزائر لقب بلد المليون ونصف المليون شهيد في الوطن العربي.
دارت الحرب بين الجيش الفرنسي والثوار الجزائريين، الذين استخدموا حرب العصابات بصفتها الوسيلة الأكثر ملاءمة لمحاربة قوة جرَّارة مجهزة أكبر تجهيز، خصوصاً وأن الثوار لم يكونوا يملكون تسليحاً معادلاً لتسليح الفرنسيين. استخدم الثوار الجزائريون الحرب البسيكولوجية بصفة متكاملة مع العمليات العسكرية.
كان الجيش الفرنسي يتكون من قوات الكوماندوز والمظليين والمرتزقة متعددة الجنسيات، وقوات حفظ الأمن، وقوات الاحتياط، والقوات الإضافية من السكان الأصليين أو من أطلق عليهم اسم الحركة. حظت قوات جيش التحرير الوطني التابعة للفرع العسكري من جبهة التحرير الوطني على تأييد الشعب الجزائري الكامل، بل والجالية الجزائرية في المهجر، وخاصة في فرنسا.
انتهت الحرب بإعلان استقلال الجزائر في 5 جويلية 1962، وهو نفس التاريخ الذي أعلن فيه احتلال الجزائر في سنة 1830. وقد تلا إعلان الاستقلال الجنرال شارل ديغول عبر التلفزيون، مخاطباً الشعب الفرنسي. جاءَ الاستقلال نتيجة استفتاء تقرير المصير للفاتح من جويلية، المنصوص علية في اتفاقيات إيفيان في 18 مارس 1962، وأعلن على إثره ميلاد الجمهورية الجزائرية في 25 من سبتمبر ومغادرة مليون من الفرنسيين المعمّرين بالجزائر منذ سنة 1830.
7.    ردود الأفعال السياسية الفرنسية بعد اندلاع الثورة:
مباشرة بعد انفجار الوضع في الجزائر من جراء اندلاع الثورة ، قامت سلطات الاحتلال الفرنسي بتوقيف عدد كبير من مناضلي حركة انتصار الحريات الديمقراطية MTLD. كما أسرعت الحكومة الفرنسية إلى اتخاذ قرار حل الحزب وإغلاق مكاتبه ونواديه بالجزائر وفرنسا وذلك يوم 05 نوفمبر 1954. وقد راح ضحية حملة التوقيف بعض أعضاء اللجنة الثورية للوحدة والعمل CRUA.
وقد تجلى واضحا أن الحكومة الفرنسية لم تكن تعلم بموضوع التحضير للثورة ولم تكن لديها معلومات عن مفجريها، ولذا عمدت على اعتقال كل من كان له علاقة بالحركة الوطنية وخاصة التيار الاستقلالي.
أما التصريحات الرسمية، فقد تعاقبت على شكل بيانات رسمية وتصريحات لوسائل الإعلام الفرنسية والأجنبية من طرف وزراء ومسؤولين فرنسيين.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، فقد سارعت الحكومة الفرنسية إلى اتهام " أطراف أجنبية " بالوقوف وراء الأعمال المسلحة بالجزائر والدعاية لها على الصعيد العالمي . وكانت فرنسا تشير بالأصابع إلى مصر وبعض الأوساط العربية .
‌أ.       إعلان حالة الطوارئ:
تضمن قانون حالة الطوارئ الإجراءات التالية :
1- تحديد الإقامة للأفراد مع فرض الرقابة الشديدة على تنقلاتهم .
2- مراقبة المحلات و الأماكن العمومية .
3- تعرض الأفراد المشبوهين إلى الاعتقال أو السجن أو النفي دون محاكمة.
4- إنشاء المحاكم الاستثنائية لتحل محل المحاكم العسكرية حيث تكون أحكامها نافذة و غير قابلة للطعن.
ويخول قانون حالة الطوارئ كذلك للسلطات المدنية والعسكرية صلاحيات مطلقة من أجل استرجاع الوضع إلى ما كان عليه قبل أول نوفمبر 1954. وقد سمح باعتقال وسجن الجزائريين بدون محاكمة ، وفرض عقوبات فردية وجماعية ، وتطبيق كل أساليب القمع والتعذيب والاضطهاد، وتطبيق حكم الإعدام بشكل واسع وفرض الحصار ومنع التجوال ليلا وإنشاء مناطق محرمة .
طبق قانون حالة الطوارئ في منطقة الأوراس في بداية أبريل 1955، ليوسع إلى بلاد القبائل في نهايته قبل أن تخضع له باقي المناطق في أوت وأكتوبر 1955 .
‌ب.  المجهود الحربي الفرنسي:
كان إندلاع ثورة التحرير في أول نوفمبر 1954 مفاجأة للسلطة الاستعمارية الحاكمة في الجزائر ، مما تطلب بعض الوقت لمسايرة الوضع الجديد . ففي البداية وظفت السلطات الاستعمارية الفرنسية كل طاقاتها العسكرية والمدنية المتواجدة على التراب الجزائري ، والتي شملت مختلف الأجهزة القمعية الأمنية والعسكرية ، مسخرة وسائل الدعاية الإعلامية من صحف وجرائد وإذاعة وشبكات أخرى للترويج للسياسة الاستعمارية.
غير أن اتساع رقعة الثورة تطلب منها اتخاذ عدة إجراءات لرفع عدد قواتها العسكرية ، فبعدما كانت تقدر ب 54 ألف جندي في شهر جوان 1954 يضاف إليها عشرة ألاف شرطي ، إرتفع هذا العدد مع بداية نوفمبر 1954 الى 62000 جندي . إلا أن التنظيم المحكم الذي ميز الثورة دفع السلطة الاستعمارية إلى طلب المزيد من القوات العسكرية والتي بلغت في مطلع عام 1955 الـ 80000 جندي ، مدعمين بفيلق من المظليين.
وقد فشلت هذه القوة في وقف زحف الثورة ولم تستطع خنقها ، مما أدى إلى عزل الحاكم العام روجيه ليونار واستبداله بجاك سوستال الذي تعززت في عهده القوات الفرنسية بوحدة من البوارج الحربية ، فأرتفع تعداد القوات العسكرية الى 114000 جندي في شهر جويلية 1955 . بقي عدد الجنود الفرنسيين في الجزائر في ارتفاع مستمر ليبلغ 186000 عسكري في جانفي 1956.
كما قامت السلطات الاستعمارية بإعلان حالة الطوارئ وتمديد الخدمة العسكرية للشبان الفرنسيين لتصبح 21 شهرا عوض سنة واحدة . وفي 1957 بلغت مدة الخدمة العسكرية 24 شهرا.
بمجيء الجنرال شارل ديغول عام 1958 تم اتخاذ تدابير مؤقتة للاحتفاظ بالمجندين لمدة 30 شهرا ، الى جانب ذلك اعتمدت أساليب أخرى لتدعيم المجهود الحربي ، منها تحويل فرق عسكرية بأكملها من مواقعها في الحلف الأطلسي بأوربا إلى الجزائر وتزويد الجيش الفرنسي بأحدث الأسلحة من حوامات ، وطائرات متعددة المهام وبوارج حربية ، وتخصيص ميزانية ضخمة للمجهود الحربي . وزادت على هذه الإجراءات نقل قواتها المتمركزة في كل من تونس والمغرب الى داخل الجزائر مع تقوية الوجود العسكري من خلال تكوين ميليشيات مسلحة تحت تسميات مختلفة كالدفاع الذاتي ، والحركة، والاعتماد على القوة الثالثة وتفنن الجيش الفرنسي في تسليط شتى أنواع التعذيب والتقتيل وتدمير القرى والمشاتل على ساكنيها.
كما حاول عزل الثورة داخليا بإقامة المحتشدات والتجمعات والمعتقلات والمناطق المحرمة، وخارجيا ببناء خطي شال وموريس .
وقد بلغ حجم الجيش الفرنسي بالجزائر في أواخر 1960 ما يقارب المليون جندي دون أن تستطيع فرنسا إخماد لهيب الثورة التحريرية.
8.    استقلال الجزائر:
بناءً على ما تضمنته المادة 17 من الباب الثالث من نصوص اتفاقيات ايفيان الثانية والمتضمن إجراء استفتاء خلال فترة تتراوح من ثلاثة إلى ستة أشهر من تاريخ نشر النص على أن يحدد هذا التاريخ وفقا لاقتراح الهيئة التنفيذية بعد شهرين من تنصيبها.
التحضـيرات للاستفتـاء: في إطار صياغة جملة الضمانات والشروط المفصلة بتنظيم الأحكام العامة خلال المرحلة الانتقالية اعتبارا من يوم 19 مارس 1962 (عيد النصر) وبناء على ذلك، واستنادا إلى ما تضمنه نص الجزء الثالث من مواد ضمانات تنظيم الاستفتاء على تقرير المصير والجزء الرابع من الاتفاقيات الذي ينص على تشكيل قوة محلية للأمن غايتها الإشراف على استفتاء تقرير المصير وقد جاءت المواد 19، 20 و21 لتحديد مواصفاتها والصلاحيات التي تضطلع بها، بقي جيش وجبهة التحرير الوطني يستعدان لإجراء الاستفتاء في جو من الحيطة والحذر إلى أن حل الفاتح من جويلية 1962. وقد اجتمعت لهذا الحدث التهيئة والتحضيرات العامة لتعبئة الشعب منها توزيع مناشير على المواطنين لتوعيتهم وحثهم على المشاركة بقوة في هذا الحدث بعد أن ضبطت الهيئة التنفيذية المؤقتة بمقرها في روشي نوار (بومرداس حاليا) موعد الاستفتاء بالفاتح جويلية 1962، حيث استجاب المواطنون بنسبة كبيرة جدا لهذا الحدث الهام، وتضمنت استمارة الاستفتاء الإجابة بنعم أو لا على السؤال التالي : هل تريد أن تصبح الجزائر دولة مستقلة متعاونة مع فرنسا حسب الشروط المقررة في تصريحات 19 مارس 1962.
ملاحظة خلال إجراء المفاوضات شكل المعمرون منظمة الجيش السري (OAS)وهذا لإفشال المفاوضات وقد وقع ضحيتها 10 ألاف مواطن جزائري
‌أ.       نتائج الاستفتاء: في 2 جويلية شرع في عملية فرز الأصوات، كانت حصيلة النتائج لفائدة الاستقلال بأغلبية مثلما أكدته اللجنة المكلفة بمراقبة سير الاستفتاء صباح يوم 3 جويلية 1962، فمن مجموع المسجلين المقدرين بـ 6.549.736 موزعين على 15 مقاطعة عبّر 5.992.115 بأصواتهم منهم 5.975.581 أدلى بنعم، و 16.534 بـ :لا.
‌ب.  الاعتراف بالاستقلال: بمقتضى المادة 24 من الباب السابع المتعلقة بنتائج تقرير المصير وطبقا للمادة 27 من لائحة تقرير المصير:
‌ج.   تعترف فرنسا فورا باستقلال الجزائر.
v   يتم نقل السلطات فورا.
v   تنظم الهيئة التنفيذية المؤقتة في خلال ثلاثة أسابيع انتخابات لتشكيل الجمعية الوطنية الجزائرية التي تتسلم السلطات.
v   وبناء على ذلك أعلنت نتائج الاستفتاء يوم السبت 3 جويلية 1962 وبعث الرئيس الفرنسي شارل ديغول إلى السيد عبد الرحمن فارس رئيس الهيئة التنفيذية المؤقتة للجمهورية الجزائرية رسالة تحمل الاعتراف باستقلال الجزائر. واعتبر يوم الاثنين 5 جويلية 1962 التاريخ الرسمي لاسترجاع السيادة الوطنية التي سلبت في ذات اليوم من سنة 1830.

_____________________________
   لتحميل الملف جاهزا بصيغة الوورد مع مزيد من الصور اتبع الرابط في الأسفل


في أمان الله

google-playkhamsatmostaqltradent